الحلقه (9)..”مغتربه داخل قلبه “.
_ بين مــدّ وجزر _
——
_ افق ! ، أُنظـر حولك ، أنت داخل نفق مُعتم لا أُكسچين به وهنـاك هذه الفتاة التي وضعها الله في طريقك كي تشدُد بأزرك .. أنظر إليها تنُاديك وهي تقف علي عتبه هذا المخرج الوحيد الذي يأتي النور منهُ .. هلا لبيت ندائها .
أردف هذا الشاب بصرخات صارمة وهو يُشير إلي باب فُتح علي مصرعيه ويأتي منه الضوء بوفرة وتقف اسلام علي أوله ، فيمـا تندي العرق علي جبين الأخر ليرفع وجهه إليه مرددًا بسأم وحيّرة :
_ لا أعلم ما يجب فعلهُ .. انت ضميري وأحبذ رأيك في هكذا أمور ، ولكني لا أقبل بأن تكون المُسيطــــر ومن ثم كيف أذهب إليها وأنا من أُخطط لعرقلتها ؟!
رمقــهُ ضميره الذي تشخص في صورة إنسان يقطب حاجبيه بحنقِ وبنبرة ساخطة أردف :
_ آنت أحمق ؟! ،تسلبك من الظلمات إلي النور ، آمنت بضحكتك أمامها ووثقت بك ملء قلبها لتمنحك اسمها ودُنياها وتقبل بك زوجًا ، فهي تراك رجلًا .. هل ستثبت لها عكس ذلك ؟
تنحنح الثالث الذي كان يتابع ما يجري بصمتٍ دامي ،فهو أكثرهم تأثرًا جراء هذه العلاقة ، نبضاته هي من تثور وتمور فتتألم وبنبرة واهنة تابع :
_ الفتاة أحبتني كثيرًا ، أرى هذا في كُل لفظة تصدر منها .. وكُل تنهيدة مُشبعة بالأمل فيّ ، لا تخيب أملها بك يا چوزيف ،قُم فأسرع وأقبض علي كفها .. أخبرها يا چوزيف بأنها خلقت داخلك نبضًا .. أنا الآن أشعر به .. أنظُر يدق بتمهل ولكنني أعلم انه سيثور ذات مرة حُبًا فيها .. لا تظن بأنك ستكرههـا .. فـ زارع النبض إما أن يحفظه فينضر قلبهُ .. وإما أن يقسوا علي مالك النبض فيجد نفسه يموت أولًا ، فروحك أصبحت مُعلقةً بهـــا .
العقل بقهقة خفيفة : انت ضعيف الشخصية والمواجهه ، أنا فالمسيطر دائمًا ، سأنتقم منها عما قريب .. وأعلم جيدًا أن ما تشعر به هو مجرد وهم .. انا أكرهها .. أكرهها !
الضمير بتحدِ : بل تُحبها ، وسيأتي يومًا وتخذلك نفسك .
قفز من سُباته في فزعٍ ، أخذت انفاسه تتلاحق وصدره يعلو ويهبط بوجل وكأنه في سباق مع هذا الحُلم الغريب ،أخذ يجوب ببصره الغرفة باحثًا عنهــا، حتي وقعت عيناه علي هذا المُسجل الذي لا يزال يصدح بآيات القرءان ، جف حلقه وهو يستمع إلي هذه الآية الذي انصت إليها بتمعن وكأنها رسالة لهُ :
_ (وكأين من ءايةٍ في السماواتِ والأرضِ يمرون عليها وهم عنها معرضون ، وما يُؤمِن أكثرهُم بالله إلا وهم مشركون ، أفأمِنُوا أن تأتيهم غشيةُ من عذاب الله أو تأتيهم الساعةُ بَغتةً وهم لا يشعرون ) .
أغمض عينيه بعدما أحس بهزّة تُصيب سائر جسده ، مـال قليلًا وهو يقُرب ذراعه ناحية الكومودينو المجاور لفراشه ليلتقط كوبًا من الماءِ ، ومن ثم رفعه ناحية فمه ليرتشف ما بداخله كُله …
أخذت الرعشه في كفه تزداد رويدًا رويدًا ، ليرتمي إلي الوسادة مُجددًا ويعاود وضع الأُخري علي رأسه وكأنه يهرب من هذا الصوت الذي يجعله يتصارع داخله ويعيد النظر في جميع مُعتقداته السابقة ،،،،
——-
_ اسلام؟ ،استيقظي ، ابيكِ وزوجكِ ينتظرانكِ علي طاولة الفطــور ؟
أردفت فاطمة بتلك الكلمات وهي تزيح الغطاء عن جسدها ، تململت الأخري في الفراش قبل أن تردد بنبرة ناعسة :
_ أتركيني يا أمي .. لا طاقة ليّ علي النهوض .
فاطمة وهي تمسك ذراعها تعاونها علي النهوض بخفة : كفاكِ دلال يا سكرت حياتي ؟ ، فـ زوجكِ مازال يشعر بالغرابة بيننا وانتِ من ستجعليه يتأقلم علي وجوده بالقصــر .
انصاعت اسلام لحديث والدتها حيث إتجهت إلي المرحاض تخطو خُطوات وئيدة مُتثاقله فهي عاشقة النــوم ومن ثم تشارك في موسوعة چينيس قسم الناعسين ، فتفوز بإكتساح ..
_ هل صليت الفجر يا چوزيف ، أم أنك لم تتداول هذا الدرس بعد ؟!
وضع چوزيف شوكته جانبًا ، أومأ برأسه في خفة ومن ثم أردف بهدوء :
_ لا لم نبدأ بعد .. أعتقد أنها نسيتني ؟! .
ضاهر بإبتسامة حانية : عليك أن تعتد علي هذا فيمكنها أن تبيعنا جميعًا مُقابل غُفوة صغيرة جدًا .. هي مُدللتي الجميلة وأخشي ان تحزن مني .
چوزيف بثبات : أدامهــا الله لك يا عمي .
_ صباح الخير جميعًا .. أعتذر لإنتظاركما !
كلاهما في آن واحد : صباح الخير .
ضاهر بنبرة ثابتة : اسلام .. فـ لترشدي زوجكِ إلي خُطوات الصلاة حتي يبدأ حبيبتي !!
اسلام بتفهم : سأفعل يا أبي ، فلينته من فطوره أولًا .
ترك چوزيف أداة الطعام من كفه ، ومن ثم انتصب واقفًا في مكانه وكأنه ينتهز هذه الفرصة كي يحتك بهـا وتبدأ وسائل إقناعه لها بالسفــر ، ليردف بنبرة هادئه :
_ لقد إنتهيت ، فـ لنبدأ حبيبتي !
أخفضت وجهها قليلًا من كلمته الأخيرة ، نهضت هي الأخري عن الطاولة ومن ثم ســارت معه حتي المرحاض .. دلف داخله أولًا بينما وقفت هي علي عتبته وبنبرة مُتلعثمة تابعت :
_ إذًا كيف تتوضأ ؟! .. الوضوء يتم في ثماني خُطوات .. أولهم غسل اليدين إلي الرسغين ثلاث مرات .. افتح صنبور الماء ؟
هزّ رأسه بخفة ليقوم بفتح صنبور المياة ، لتبدأ في رفع كفها أمامهُ ترشدهُ إلي طريقة الوضوء حيث رددت بنبرة تلقائية :
_ اسع جاهدًا في أن تصل المياة إلي الفجوات بين أصابعك .
أخذ يدمغ أصابعه ببعضها مع هطول المياه عليها ، ليجدها تهتف في تحفيز :
_ جيد للغاية ، الخُطوة الثانية أن تُمضمض ثلاث مرات .
أخذ ينفذ الخُطوات الواحدة تلــو الأُخري ، صدح هاتفها الذي بين كفها بجرس خفيض .. رفعت الهاتف إليهـا وقبل ان تتفحص الشاشة وجدته يتابع بحنقِ :
_ والآن الخُطوة الأخيرة ، هلا إقتربتِ حتي أتعكز عليكِ ، فلا أستطيع الوقوف علي قدم واحدة ؟ .
هزّت اسلام رأسها بتفهم لتقترب منه فيما وضع الأخر ذراعه علي كتفهـا ليرفع إحد قدميه الي صنبور المياه .. وهنــا عاودت هي النظر إلي شاشة الهاتف لتشهق بفزعِ ونبرة صارخة :
_ يا إلهي ! . ما هذا ؟!
إبتعدت عنهُ دون قصدٍ منها ، ليترنح في وقفته قليلًا ومن ثم يسقط جالسًا علي الأرض بينما لم تلحظ هي ذلك لتقول بحنقِ وهي تواليه ظهرها :
_ أيها البامبية الجرباء ؟! . كيف تفعلين هذا بيّ !!
_ اسلام ؟
نادى عليها بصوتِ جهوريٍ أربكها ، إستدارت تنظُر له بعينين جاحظتين وبنبرة مُتلعثمة تابعت :
_ يُوسف ،اعتذر منك حقًا، لقد نسيت أمرُك ، لو علمت سبب غضبي لألتمست ليّ العُذر قطعًا .
چوزيف بنبرة مُترقبة : ما بكِ حبيبتي ، أخبريني ؟!.
ذمت اسلام شفتيها حنقًا وبنبرة حزينة تابعت :
_ چودي .. تقول لإحداهن انها تُحبها بأحد الكومنتات علي الفيسبوك .. أتُصدق هذا ؟
تجهمت معالم وجهه فجأه ، صر علي أسنانه غيظًا ليستقيم واقفًا مُجددًا فيما استأنفت هي اعتراضها قائله :
_ كيف تخونني علي مرآى ومسمع من الجميع هكذا !! ، أهذه تُسمي بصداقة ؟ .. لن أنسى لهــا هذا .. فإنها لا تُقدر غيرتي عليها.
رمقها بنظرة يتطاير منها الشرر ، إقترب منها حانقًا ثم قبض علي ذراعها ليردف بسخطِ :
_ آنتِ حمقاء !! .. أي خيانة هذه ؟ ، لقد ظننت أنكِ تعرضتي لكارثة مـا.
اسلام بحُزنِ : أهذا أمرُ عادي !! .. اصلًا أنت لا تفهم عن الصداقة شيء .. هيا بنا إلي الدرس الآخر .
إتجها سويا حيث غرفته ، جلست اسلام إلي طرف الفراش ومن ثم أشارت له بعينيها أن يجلس .. غمز لهـا بعينيهِ فقد ظن أنها تستجب له فيما ضيقت عينيها بثبات لتقول :
_ ليس كما تظُن ، أهُنا عقل أم مقلب قاذورات ؟!
رفع أحد حاجبيه ليردف بتساؤل : عقل يا خفيفة الظل ، لن أُسامحكِ علي ما تفعلينه بيّ يا اسلام .
اسلام بنبرة مُتضايقة : وما الذي فعلته بك ؟ ، أُحاول تقريبك من الله ، كي يُهذب الاسلام شبابك وتُصبح خير زوج وأب لأولادي !!
چوزيف بنبرة حانية : سأكون كذلك .. فقط ثقي بيّ حبيبتي .
تأثرت بحديثهِ لوهلة .. ابتلعت ريقها بصعوبة ومن ثم عقدت حاجبيها بصرامة :
– سأفكر بالأمر لاحقًا .. هلا بدأنا في الدرس ؟
چوزيف بثبات : لنبدأ .
تنحنحت اسلام قليلًا قبل بدء الحديث ، إلتفتت بكامل جسدها إليه وبنبرة حانية تابعت :
_ اولًا وقبل البدء .. أريدك أن تفهم شيئا ، الاسلام بمفهومه هو كلمه مُشتقه من السلام والسلم يعني تسليم الإرادة لله عز وچل ولكي تكون مُسلمًا قلبًا وقالبًا فعليك اتباع اُسس ودعائم الإسلام الخمس .. والمُسلم الصحيح يلتزم بهم .. وفقد واحدة منهم يحدُث إختلال في الاساس والحديث هو :
(بُني الاسلام علي خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله وأن مُحمدًا رسول الله ، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان ) .
چوزيف بتركيزِ : ايعني أن الاسلام يقوم علي هذه الدعائم فقط ؟.
اسلام بإستئناف : هناك خِصال أُخرى يتحلي بها الاسلام ، ولكن من إلتزم بهذه الأركان الخمسة صار مسلما ومن تركها جميعها أو جحد شيئا منها ، كفــر .
چوزيف بتساؤل : تقصدين الإيمان بهذه الأركان أولًا ومن ثم الباقي يترتب عليها ؟
اسلام وهي تبتسم له في سعادة :
_ أجل .. جزاك الله خيرا .. أتعلم ! ، فالرسول قال في حديث لهُ (بين الرجل وبين الشرك والكُفر ، ترك الصلاة ) .. وكذلك حثنا علي الصيام حينما قال … (كُل عمل ابن آدم لهُ ، إلا الصيام فإنه ليّ وانا أجزي به ) .
هزّ چوزيف رأسه بخفة،تلعثم في عباراتهِ قليلًا قبل ان يتحرى عن شيء قد سمعه سابقًا :
_ هل الصيام في الاسلام .. الامتناع عن الطعام والشراب تمامًا طوال اليوم ؟!
أحست اسلام بشيء من التوجُس في نبرته ، كتمت ضحكتها حتي لا يفقد الحديث رونقه لتتنحنح بخفة قائله :
_ الصيام يا عزيزي ، الإمساك عن جميع المُفطرات بنية التقرب إلي الله من بزوغ الفجر إلي غروب الشمس .
حدق چوزيف إليها في شدوه ليردد بنبرة مندهشة : لا تشربون ؟ ، لا تأكلون !!، كيف هذا يا فتاة ؟
قطبت اسلام حاجبيها لترمقه بنظرة صارمة وتردف :
_ أراك تتذمر كالأطفال يا يُوسف ، أصبر فالصدمة الكُبرى في الطريق لان شهر رمضـان أول أيامه الاسبوع القادم .
فغر چوزيف فاهه لعدة دقائق يستوعب فيهم ما قالته .. وبنبرة مُتوجسة أردف :
_ الأسبوع المُقبل لن آكل أو أشرب حتي يأتي الليل ؟ .. ولكننا يا حبيبتي سنُسافر إلي أمريكا لقضاء شهر العسل !!
اسلام بنبرة ثابتة : للعلم يا زوجي العزيز ، هناك أيضًا يوجد (رمضــان ) .. حتي وإن ذهبت إلي هؤلاء اليهود الحمقي ودسست نفسك بهم ، ستصوم رغمًا عنك أيضًا .. فـ رمضـان في كُل مكانٍ .. ومن قال لك بأن شهر العسل سيكون في رمضان ؟
ومن ثم استأنفت حديثها بنبرة خبيثه خفيضة :
_ هل ترغب بصدمات أُخري ؟ .. لأخبرك إذًا ، في رمضان يُحرم قُرب الرجل من زوجتهِ .
أردف چوزيف بنفس نبرة صوتها في دهشة :
_ اتحلفين بالله ؟
اسلام كاتمة ضحكاتها : أُقسم بالله يا يُوسف ، يا حبيبي .. الاسلام في هذا الشهر من كُل عـام يكبح غرائزك وتصعد درجات إلي الله حيثُ أنك تتجنب جميع المعاصي والمُفطرات بل وتتعلم الصبر ..
تنهــد چوزيف بعُمق ، شـرد لوهلة فيما قالتهُ ومن ثم عـاد لينظر إليها مُرددًا بتساؤل وافــر :
_ أرى بالإسلام أشياء مُميزة ، لا أنكر هذا ولكن ينتابني الفضول حول هؤلاء الشيعة ، يوجد خلاف بينكم وبينهم !! .. وكيف الاسلام بهذا الجمال وهم بهذا القُبح وسفـك الدماء ؟!
رمقتهُ اسلام بنظرة ثابتة ، ومن ثم أردفت بهدوء : ليسوا بمسلمين .. فـ الاسلام يبريء نفسه من هؤلاء ، حتي القرآن لا يعترف بهم ولا يُشجع علي التفرقه من الأساس وهذا مـا نص عليه قوله تعالي :
_ (إن الذين فرقـوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء ) .. هذا نص صريح بالقُرءان ، فهؤلاء لا يعتقدون بكمال الاسلام إلا بوجوب الايمان بعليّ (رضي الله عنه ) ، والايمان بولايته كخليفة بعد وفاة النبي .. لم يصل الامر إلي هذا الحد ، فـ الايمام بعليّ عندهم أصبح له الأولوية قبل الايمان بالرسول نفسهُ وأن من لا يعترف بعليّ وليّ لله فهو كافر ، والجائحة الكُبري تحريفهم للآذان لتنته الشهادة بقولهم : أشهد ان علي وليّ الله .. فـ والله عليّ بريء منهم ، ولهم من الله مـا يستحقون .. لا يختلفون عن اليهود في شيء !
كلاهمـا في جهنم بكُفرهمـا .. وامـا بشأن سفك الدمـاء ، فيقول عز وچل :
_ ( مَن قتل نفس بغير نفسٍ أو فساد في الأرض ، فكأنما قتل الناس جميعـا ومن أحياها فكأنما احيا الناس جميعـا ) ،تأكد يا چوزيف ان الاسلام الدين الوحيد الذي حرم في كتابه قتل النفوس الانسانية بصرف النظر عن ديانتها ، فالله يُخرجهم من رحمتهِ إلي يوم الدين .
أنهت حديثها لتجدهُ ينظُر لها بإمعانِ غريب عليها ، لم ينتبه بعد لسكوتها ، أخذ يُدقق النظر إليها دون حراك فيما أردفت هي بإستغراب :
_ يُوسف !! .. مـا بك .. ألم تسمعني كُل هذا الوقت ؟
چوزيف بهدوء : كُنت أسمعكِ يا حِضن الوردِ ، أشكرك علي جوابكِ والآن إتضح اللبس وأصبحت علي دراية بما يحدُث .
ومن ثم أردف بنبرة خبيثة قليلًا : والآن أخبريني .. مـا حُكم امتناع المرأه عن زوجها في الاسلام ؟!
نهضت اسلام عن الفراش فورًا ، ضربت الأرض بقدميها في تذمر لتقول بحدة :
_ ماذا تقصُد !! .. لم امتنع بل كُنا قد إتفقنا علي هذا مُسبقًا .. هيا قُم لأُخبرك كيف تُصلي !!
نهض چوزيف بعد أن رمقها بنظرة غاضبة أربكتها .. بدأت تُرشدهُ كيف تتم الصلاة بشكلِ صحيح لتردف بنبرة ثابتة :
_ الصلاة خمسة فروض يومية ، هُنـاك فروض وهُناك سُنن .. يُمكنك أداء الفروض فقط كبداية لك ومـا أن تُجيدها تبدأ في تنفيذ السنن المنقولة عن الرسول .. والآن ستفعل مـا شرحته لك ، ولأنك لم تحفظ شيئًا من القرآن بعد .. فيمكنك الصلاة بالسور القصيرة وانت تنظُر إلي المُصحف أثناء الصلاة وتقرأ منهُ .
أومأ چوزيف برأسه مُتفهمًا ، ليفرد مصليته ومن ثم يبدأ في تنفيذ ما أملته هي عليه ، فيما جلست إلي طرف الفراش تنظُر إليه بسعادة شديدة لإتقانه مـا قالتهُ وتنفيذه حرفيًا …
تنهدت بأريحيه شديدة لتقرر الذهاب إلي غرفتها والتفكير بشأن قرارها ذاك ، هل تتراجع عنه ام تتشبث به ، تتقاذفها الأمواج بين مـدّ وجزر ،فهي تجدهُ يتقبل مـا تقوله بصدر رحب بل وينفذه بسعة صدر منه ، فلماذا تخشاهُ الآن ؟! …
——
” حل المساء سريعـًا ،،
_ حبيبتي لطالما يتقبل منكِ الحديث ويسعي جاهدا بأن يستوعب ما تقولينه والتقرب من الله جيدا ، فما الذي يُخيفكِ إذًا .. توكلي علي المولي ، فلو كان يُوسف شرًا لكِ .. أبدا ما جمعه الله بكِ .
أردفت چودي بتلك الكلمات في هـدوءِ وحُب ، قضمت اسلام أظافرهـا بشيء من الخوف والاقتناع وبنبرة متوترة تابعت :
_ هكذا رأيك ؟ .. اثق به ؟
جودي بنرفزة : يا فتاة .. هذا زوجك ؟ .. آنتِ حمقاء !!!
اسلام بتلعثم : أنتِ علي صواب .. سأُغلق الآن .
“علي الجانب الآخر ”
صدح صوت الآذان من اكثر من نصفِ ساعة ، وهو في حيّرة من امرهِ .. مـاذا إن جاءت وسألته عن صلاته ؟!! .. فـ الآن أصبح في مأزق .. أزاح الحاسوب جانبًا بعد أن أنهي حديثه مع (كاثرين وصديقهُ روبرت ) ليردف بصرامة :
_ طبعًا سأكذب عليها .. انا أفعل هذا أمامهـا ، باتت هذه الفتاة تُزعجني كثيرًا .. أهي مصدر إزعاج ليّ فعلًا .. اوووف لا أعلم ! ، أحيانًا قلبي وعقلي يصدقان ما تقوله .. أرى سكينة في كُل ما تتلفظ به ، وعندما قُمت بهذه الصلاة إنتابني شيء من الراحه ! .. يجب أن أُقنعها بالسفر قبل أن تستولي بكلماتها هذه علي عقلي أيُعقل ان تكون كاثرين علي صواب .. فهي قالت ليّ بأن المسلمين يؤمنون بالجِن وربما هذه الفتاة قد سلطت أحدهم عليّ حتي يجعلني أرتاح لكلامها إلي هذه الدرجة ؟! .
صدر منهُ صوتًا مُتأففًا ليمسح علي وجهه بحنقِ ، وبنبرة مُختنقة تابع : ولكنني أُريد ان أقوم بهذه الصلاة مُجددًا !!! ، هي مُجرد تمرين يُريحني فحسب ولكني لا أؤمن بهـا .
مـد يدهُ ليلتقط الورقة التي كتبتها له ، وتضم عدد الفروض كاملة .. نظر إلي الورقة بتنهيدة عميقة ومن ثم سمع دقات علي الباب .. توتر قليلًا وبنبرة عالية بعض الشيء ، أردف :
_ أدخل ؟
أطلت هي من خلف الباب وبنبرة متوترة قالت :
_ هل صليت يا يُوسف ؟
رمقها بنظرة مُضطربة ليهز رأسه بهدوء : أجل صليت ،حتي انني كُنت أحفظ جميع الفروض .
سـارت بخُطي وئيدة ناحيته ، فركت كفيها بتوترِ جلى في نبرة صوتها عندما قالت :
_ لقد فكرت يا يُوسف ، ولا يُمكنني ان أحرمك. من حقوقك عليّ .
چوزيف بإبتسامة عريضة : هل أنتِ بكامل قواك العقلية ؟
اسلام بتلعثم : أجل .. وإن كُنت لا ترغب ، فأنا أيضًا كذلك.
استدارت اسلام لتُغادر الغرفة ، ليقبض علي ذراعها ومن ثم يُقرب رأسها منه ولا إراديًا طبع قُبلة علي جبينها أعقب ذلك احتضانها ومن ثم أردف بشعور السكينة الذي لم يشعر به أبدًا إلا وهي بالقرب منه ، ليردف بنبرة هائمة بهـا :
__ فـ كما تعلمين يا صغيرتي ، أن حيضان الورد لا تُنعش ما بيّ ، بقدر حذف الياء والألف منها ، فما أجملها إنتعاشة تُضيف ليّ عُمرًا فوق عُمري .
افتر ثغرها عن إبتسامة متوترة .. أغمضت عينيها قليلًا لتستشعر صدق كلماته ، والآن أصبحت زوجتهُ مُصدقه النية له وقد جاءت طوعًا إليه .